الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى الِاسْتِهْلَالِ: قُلْت: أَرَأَيْتَ مَا لَا يَرَاهُ الرِّجَالُ، هَلْ تَجُوزُ فيهِ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ في شَيْءٍ مِنْ الشَّهَادَاتِ أَقَلُّ مِنْ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ.لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ في شَيْءٍ مَنْ الْأَشْيَاءِ.قُلْت: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ في شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ مِمَّا تَجُوزُ فيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ.قُلْت: أَرَأَيْتَ الْوِلَادَةَ، أَيُجِيزُ مَالِكٌ فيهَا شَهَادَةَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ شَيْءٍ يُقْبَلُ فيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ فيهِ أَقَلُّ مِنْ امْرَأَتَيْنِ.ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفيانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فيمَا لَا يَنْظُرُ إلَى الرِّجَالُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ.ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفيانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: امْرَأَتَانِ.ابْنُ مَهْدِيٍّ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: تَجُوزُ شَهَادَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فيمَا لَا يَرَاهُ الرِّجَالُ.قَالَ سَحْنُونٌ: فَكَيْفَ بِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَانَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ يُحَدِّثُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمْ يُجِزْ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ في الرَّضَاعِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ عَنْ رَضَاعِ امْرَأَةٍ فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: فَكَيْفَ وَقَدْ قِيلَ.سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيِّ عَنْ حُلَّامِ الْعَبْسِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْسٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيًّا وَابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا، فَقَالَا: إنْ تَتَنَزَّهَ عَنْهَا فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، فَأَمَّا أَنْ يُحَرِّمَهَا أَحَدٌ عَلَيْكَ فَلَا..في شَهَادَةِ الْمَحْدُودِ في الْقَذْفِ: قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمَحْدُودَ في الْقَذْفِ، هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إنْ تَابَ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمَحْدُودَ في الْقَذْفِ، هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ في الطَّلَاقِ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إذَا ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ وَحَسُنَتْ حَالُهُ.قَالَ: وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ إخْوَانِنَا أَنَّهُ قِيلَ لِمَالِكٍ في الرَّجُلِ الصَّالِحِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ يَقْذِفُ فيجْلَدُ فيمَا قَذَفَ، أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَدَالَتُهُ، وَقَدْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ قَبْلَ ذَلِكَ؟قَالَ: إذَا ازْدَادَ دَرَجَةً إلَى دَرَجَتِهِ الَّتِي كَانَ فيهَا.قَالَ مَالِكٌ: وَلَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عِنْدَنَا هَهُنَا رَجُلًا صَالِحًا عَدْلًا، فَلَمَّا وُلِّيَ الْخِلَافَةَ ازْدَادَ وَارْتَفَعَ وَزَهِدَ في الدُّنْيَا فَارْتَفَعَ إلَيْهِ فَوْقَ مَا كَانَ فيهِ، فَكَذَلِكَ هَذَا.ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَجَازَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ شَهَادَةَ مَنْ تَابَ مِنْ الَّذِينَ جَلَدَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ.وَأَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَابْنَ قُسَيْطٍ وَابْنَ شِهَابٍ وَشُرَيْحًا وَعَطَاءً قَالُوا: تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ في الْقَذْفِ إذَا تَابَ.ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ ابْنِ شُرَيْحٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَاذِفِ مَعَ آخَرَ مَعَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَتَابَ الثَّلَاثَةَ، فَتَابَ اثْنَانِ وَأَبَى أَبُو بَكْرَةَ، فَجَازَتْ شَهَادَةُ اللَّذَيْنِ تَابَا وَلَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ أَبِي بَكْرَةَ..الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ: قُلْت: أَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ في الطَّلَاقِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ في قَوْلِ مَالِكٍ في الْحُدُودِ وَالْفِرْيَةِ؟قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ جَائِزَةٌ في الْحُدُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْفِرْيَةِ وَفي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ، الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فيهِ جَائِزَةٌ في قَوْلِ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ: قُلْت: أَرَأَيْتَ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ، أَتَجُوزُ في الْوَلَاءِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ.قَالَ مَالِكٌ: وَشَهَادَةُ الرَّجُلَيْنِ تَجُوزُ عَلَى شَهَادَةِ عَدَدٍ كَثِيرٍ..شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عَلَى الشَّاهِدِ: قُلْت: وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عَلَى الشَّاهِدِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا يَجُوزُ إلَّا شَاهِدَانِ عَلَى شَاهِدٍ.قُلْت: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ عَلَى شَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي مَعَ هَذَا الشَّاهِدِ عَلَى شَهَادَةِ ذَلِكَ الشَّاهِدِ الَّذِي أَشْهَدَهُ؟قَالَ: لَا يَحْلِفُ في قَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ تَامٍّ، وَإِنَّمَا هِيَ بَعْضُ شَهَادَةٍ فَلَا يَحْلِفُ مَعَهَا الْمُدَّعِي.قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ في الْمَالِ، وَإِنْ حَلَّفَهُ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الشَّاهِدِ لَيْسَ بِمَالٍ، فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ.قَالَ سَحْنُونٌ: كُلُّ مَوْضِعٍ تَجُوزُ فيهِ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ، فَشَهَادَةُ النِّسَاءِ فيهِ جَائِزَةٌ.وَقَالَ غَيْرُهُ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ جَازَ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ الشَّاهِدُ، لَمْ يَصِلْ إلَى قَبْضِ ذَلِكَ الْمَالِ إلَّا بِيَمِينٍ ثَانِيَةٍ، فَصَارَتْ عَلَيْهِ يَمِينَانِ؟ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ.وَإِنَّمَا جَاءَتْ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَالْيَمِينُ وَاحِدَةٌ وَلَا يَكُونُ يَمِينَيْنِ..في شَهَادَةِ النِّسَاءِ عَلَى الشَّهَادَةِ: قُلْت: أَرَأَيْتَ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَتَجُوزُ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ في الْقِصَاصِ؟قَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ في الْحُدُودِ وَلَا في الْقِصَاصِ وَلَا في الطَّلَاقِ وَلَا في النِّكَاحِ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فيهِ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِنَّ في شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ.قَالَ: وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الشَّهَادَةِ إذَا كَانَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ، في الْأَمْوَالِ وَفي الْوَكَالَاتِ عَلَى الْأَمْوَالِ، وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ وَإِنْ كُنَّ عِشْرِينَ امْرَأَةً، عَلَى شَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَلَا رَجُلٍ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ رَجُلٌ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ النِّسَاءِ إذَا شَهِدَتْ امْرَأَتَانِ عَلَى مَالٍ مَعَ يَمِينِ صَاحِبِ الْحَقِّ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الشَّاهِدَتَانِ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ، كَانَتَا بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ، فَلَا يَجُوزُ إلَّا وَمَعَهُ غَيْرُهُ، فَكَذَلِكَ هُمَا لَا يَجُوزَانِ إلَّا وَمَعَهُمَا رَجُلٌ.وَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ وَمَا كَثُرَ مِنْهُنَّ سَوَاءٌ بِمَنْزِلَةِ وَاحِدَةٍ، لَا تَجُوزُ إلَّا وَمَعَهُنَّ رَجُلٌ، إلَّا أَنْ يَشْهَدْنَ هُنَّ أَنْفُسُهُنَّ عَلَى حَقٍّ، فيكُنَّ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ مَعَ الْيَمِينِ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ.وَقَالَ أَشْهَبُ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ في شَهَادَتِهِنَّ عَلَى الشَّهَادَةِ.سَحْنُونٌ وَقَدْ قَالَ كِبَارُ أَصْحَابِ مَالِكٍ: إنَّ شَهَادَتَهُنَّ لَا تَجُوزُ عَلَى شَهَادَةٍ وَلَا عَلَى وَكَالَةٍ في مَالٍ، وَهُوَ وَإِنْ شَاءَ اللَّهُ عَدْلٌ مِنْ الْقَوْلِ.وَلَا تَجُوزُ تَزْكِيَةُ النِّسَاءِ في وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، لَا فيمَا تَجُوزُ فيهِ شَهَادَتُهُنَّ وَلَا في غَيْرِ ذَلِكَ.وَلَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ أَنْ يُزْكِينَ النِّسَاءَ وَلَا الرِّجَالَ.قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ التَّزْكِيَةِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَلَا تُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُنَّ عَلَى مَالٍ وَلَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ..شَهَادَةُ النِّسَاءِ في قَتْلِ الْخَطَأِ: قُلْت: أَرَأَيْتَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ في قَتْلِ الْخَطَأِ أَتَجُوزُ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ، وَشَهَادَتُهُنَّ في الْمَالِ جَائِزَةٌ.قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِنَّمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ في الْخَطَأِ إذَا بَقِيَ الْبَدَنُ قَائِمًا، وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَتِيلًا.فَأَمَّا أَنْ يَشْهَدَ النِّسَاءُ عَلَى الْقَتْلِ خَطَأً وَقُلْنَ رَأَيْنَا فُلَانًا قَتِيلًا قَتَلَهُ فُلَانٌ خَطَأً، وَقَدْ دُفِنَ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْبَدَنِ، فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ إنَّمَا جَازَتْ عَلَى وَجْهِ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَبْقَى وَإِنَّ الْبَدَنَ يَبْقَى فَلَيْسَ فيهِ ضَرُورَةٌ.قَالَ سَحْنُونٌ: وَكَذَلِكَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الِاسْتِهْلَالِ، وَإِذَا بَقِيَ بَدَنُ الصَّبِيِّ وَشَهِدَ الْعُدُولُ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ مَيِّتًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِهْلَالَ لَا يَبْقَى وَالْبَدَنَ يَبْقَى فيرَى.ابْنُ وَهْبٍ وَكَذَلِكَ قَالَ رَبِيعَةُ: وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ، شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِالْقَتْلِ لَا يَجُوزُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَدَنُ قَائِمًا.وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ إنَّمَا تَجُوزُ في الْقَتْلِ، إذَا رُئِيَ الْبَدَنُ وَشَهِدَ الْعُدُولُ أَنَّهُمْ رَأَوْا بَدَنَ الصَّبِيِّ..(شَهَادَةُ النِّسَاءِ في جِرَاحِ الْعَمْدِ وَالْحُدُودِ وَالطَّلَاقِ): شَهَادَةُ النِّسَاءِ في جِرَاحِ الْعَمْدِ وَالْحُدُودِ وَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْأَنْسَابِ وَالْوَلَاءِ وَالْمَوَارِيثِ:قُلْت: أَرَأَيْتَ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَتَجُوزُ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ في الْقِصَاصِ؟قَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ في الْحُدُودِ، وَلَا في الْقِصَاصِ في الْقَتْلِ، وَلَا في الطَّلَاقِ، وَلَا في النِّكَاحِ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِنَّ عِنْدِي في شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ.قُلْت: أَرَأَيْتَ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ مَعَ رَجُلٍ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ، أَتَجُوزُ أَمْ لَا؟قَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الْعَفْوِ مِنْ الدَّمِ.قُلْت: لِمَ؟قَالَ: لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ لَا تَجُوزُ في دَمِ الْعَمْدِ، فَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ في الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ،قُلْت: أَرَأَيْتَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ، هَلْ تَجُوزُ في الْمَوَارِيثِ وَالْأَنْسَابِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: شَهَادَةُ النِّسَاءِ جَائِزَةٌ في الْمَوَارِيثِ وَفي الْأَمْوَالِ، وَلَا تَجُوزُ في الْأَنْسَابِ في قَوْلِ مَالِكٍ.قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِنَّمَا جَازَتْ في اخْتِلَافِهِمْ في الْمَالِ في الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ وَالنَّسَبُ مَعْرُوفٌ بِغَيْرِ شَهَادَتِهِنَّ.قُلْت: أَرَأَيْتَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ، هَلْ تَجُوزُ عَلَى الْوَلَاءِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الْوَلَاءِ وَلَا عَلَى النَّسَبِ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَتْ عَلَى السَّمَاعِ في الْوَلَاءِ، أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى أَنْ تَجُوزَ عَلَى السَّمَاعِ وَلَا عَلَى غَيْرِ السَّمَاعِ في الْوَلَاءِ وَلَا في النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ في الدَّعْوَى وَلَا في النَّسَبِ عَلَى حَالٍ مِنْ الْحَالَاتِ.سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ في النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْحُدُودِ.سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَذَكَرَهُ أَيْضًا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ في النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْحُدُودِ إلَّا أَنَّ عُقَيْلًا لَمْ يَذْكُرْ الْخَلِيفَتَيْنِ.ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ في الْحُدُودِ وَلَا في الطَّلَاقِ وَلَا في الْقَتْلِ.قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: مَضَتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ بِأَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ مَعَ الرَّجُلِ في الْقَتْلِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْحُدُودِ.ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ في الْقَتْلِ وَالْحُدُودِ وَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْعَتَاقَةِ.قَالَ ابْنُ شِهَابٍ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَا في الْعَتَاقَةِ.ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفيانَ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ، إلَّا في الدَّيْنِ.وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ إلَّا حَيْثُ ذَكَرَهَا اللَّهُ في الدَّيْنِ،أَوْ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ إلَّا هُنَّ لِلضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ.ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ في الْحُدُودِ، وَالطَّلَاقُ مِنْ أَشَدِّ الْحُدُودِ.ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفيانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ في الْفُرْقَةِ وَالنِّكَاحِ.وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا تَجُوزُ في الْحُدُودِ، وَالطَّلَاقُ مِنْ الْحُدُودِ..شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ: قَالَ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ غُلَامَيْنِ لَمْ يَبْلُغَا الْحُلُمَ اقْتَتَلَا، فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَقَالَ الْمَيِّتُ: فُلَانٌ قَتَلَنِي وَشَهِدَ عَلَى لِسَانِهِ وَاعْتَرَفَ الْقَاتِلُ الْحَيُّ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ، أَتَرَى أَنْ يُؤْخَذَ بِقَوْلِ الْمَيِّتِ وَيَقْسِمُ عَلَيْهِ، أَوْ بِاعْتِرَافِ الْقَاتِلِ الْحَيِّ لِصَاحِبِهِ؟فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْفَعُكَ هَذَا إلَّا بِالشُّهُودِ وَلَا يَنْفَعُكَ قَوْلُ الْمَيِّتِ وَلَا إقْرَارَ الْحَيِّ.فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ، لَا يَكُونُ في هَذَا قَسَامَةٌ فَقَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ.قُلْت: أَرَأَيْتَ قَوْلَ مَالِكٍ: تَجُوزُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى الْبَعْضِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقُوا، أَوْ يَدْخُلْ بَيْنَهُمْ كَبِيرٌ أَوْ يُخَبَّبُوا في أَيِّ شَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ؟قَالَ: في الْجِرَاحَاتِ وَالْقَتْلِ إذَا شَهِدَ فيهِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، وَكَانَ ذَلِكَ صِبْيَانٌ كُلُّهُمْ.وَلَا تَجُوزُ فيهِ شَهَادَةُ وَاحِدٍ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْإِنَاثِ أَيْضًا مَنْ الصِّبْيَانِ في الْجِرَاحَاتِ فيمَا بَيْنَهُمْ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الصَّبِيَّانِ الْكَبِيرَانِ، كَانُوا شَهِدُوا لَهُ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ عَلَى كَبِيرٍ، وَلَيْسَ في الصِّبْيَانِ قَسَامَةٌ فيمَا بَيْنَهُمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، إلَّا أَنْ يَقْتُلَ رَجُلٌ كَبِيرٌ صَبِيًّا فَشَهِدَ رَجُلٌ عَلَى قَتْلِهِ، فَتَكُونَ الْقَسَامَةُ عَلَى مَا يَشْهَدُ بِهِ الشَّاهِدُ مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ.سَحْنُونٌ وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ، مِنْهُمْ أَشْهَبُ: أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ في الْقَتْلِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْإِنَاثِ.سَحْنُونٌ وَقَدْ قَالَ كَبِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَخْزُومِيُّ: إنَّ الْإِنَاثَ يَجُزْنَ، وَإِنَّ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ في الْقَتْلِ جَائِزَةٌ.قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَغَيْرُهُ، في الصَّبِيِّ يَشْهَدُ عَلَيْهِ صِبْيَانٌ أَنَّهُ ضَرَبَ صَبِيًّا أَوْ جَرَحَهُ، فيمُوتُ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ، أَوْ يَتَرَاخَى ذَلِكَ الْجُرْحُ فيمُوتُ، فَإِنَّ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ يُقْسِمُونَ لَمِنْ ضَرْبِهِ مَاتَ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ.قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: وَهَذَا الصَّوَابُ وَاَلَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ.وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَشُرَيْحًا وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنَ قُسَيْطٍ وَأَبَا بَكْرِ بْنَ حَزْمٍ وَرَبِيعَةَ، أَنَّهُمْ كَانُوا يُجِيزُونَ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ فيمَا بَيْنَهُمْ مَا لَمْ يَتَفَرَّقُوا أَوْ يَنْقَلِبُوا إلَى أَهْلِهِمْ أَوْ يَخْتَلِفُوا، أَوْ يُؤْخَذُ بِأَوَّلِ قَوْلِهِمْ.وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا تَجُوزُ عَلَى غَيْرِهِمْ.ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: كَانُوا يَسْتَجِيزُونَ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ فيمَا بَيْنَهُمْ، وَكَانَ إبْرَاهِيمُ لَا يُجِيزُهَا عَلَى الرِّجَالِ، وَقَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ الْحَسَنِ.وَقَالَ الشَّعْبِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عَزَّةَ، وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: إنَّهَا السُّنَّةُ.وَقَالَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ..شَهَادَةُ الْوَصِيَّيْنِ أَوْ الْوَارِثَيْنِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ: قُلْت: أَرَأَيْتَ الْوَصِيَّيْنِ إذَا شَهِدَا بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ، أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ عَلَى الْمَيِّتِ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ وَارِثَانِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ، أَوْ شَهِدَ وَارِثٌ وَاحِدٌ، أَيَجُوزُ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ مَعَ شَاهِدِهِ وَاسْتَحَقَّ حَقَّهُ إذَا كَانَ عَدْلًا، وَإِنْ نَكَلَ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ، أَخَذَ مِنْ شَاهِدِهِ قَدْرَ الَّذِي يُصِيبُهُ مِنْ الدَّيْنِ.فَإِنْ كَانَ سَفيهًا.لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ في حَظِّهِ بِقَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ..شَهَادَةُ الْوَصِيَّيْنِ وَالْوَارِثَيْنِ بِوَصِيٍّ ثَالِثٍ: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ، فَشَهِدَ الْوَصِيَّانِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي أَنَّهُ أَوْصَى إلَى فُلَانٍ أَيْضًا مَعَنَا، أَتَجُوزُ أَمْ لَا؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ تَجُوزُ.سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: تَجُوزُ إنْ ادَّعَى ذَلِكَ الْوَصِيُّ الثَّالِثُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا فيمَا أَدْخَلَاهُ بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا مَنْفَعَةً لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ أَحَدٍ يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الْوَارِثَيْنِ مِثْلُ شَهَادَةِ الْوَصِيَّيْنِ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ رَجُلَانِ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى إلَى فُلَان؟قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَأَرَاهُ جَائِزًا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ شَهِدَ الْوَارِثَانِ عَلَى نَسَبٍ يَلْحَقَانِهِ بِأَبِيهِمَا، أَوْ بِوَصِيَّةٍ لِرَجُلٍ بِمَالٍ أَوْ بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِمَا جَازَ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ.قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْوَارِثَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى عِتْقٍ وَمَعَهُمَا أَخَوَاتٌ؟قَالَ: إنْ كَانَا مِنْ الرَّقِيقِ الَّذِينَ لَا يُتَّهَمَانِ عَلَى جَرِّ الْوَلَاءِ إلَيْهِمَا في دَنَاءَةِ الرَّقِيقِ وَضِعَتِهِمْ؛ جَازَ ذَلِكَ وَعَتَقَ الرَّقِيقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَبِيدِ الَّذِينَ يُرْغَبُ في وَلَائِهِمْ، وَيُتَّهَمَانِ عَلَى جَرِّ وَلَاءِ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدِ دُونَ أَخَوَاتِهِمَا، أَوْ امْرَأَةِ أَبِيهِمَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ النِّسَاءُ لِلْوَصِيِّ أَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِ هَذَا الْمَيِّتُ، أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ مَعَ الرَّجُلِ؟قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ، وَلَكِنْ إنْ كَانَ في شَهَادَتِهِنَّ عِتْقٌ وَإِيضَاعُ النِّسَاءِ، فَلَا أَرَى أَنْ تَجُوزَ.قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ عَلَى غَيْرِ الْمَالِ لَيْسَ بِجَائِزَةٍ، وَأَنَّ الْوَصِيَّ الَّذِي يُثْبِتُ، أَوْ الْوَكِيلَ لَيْسَ بِمَالٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا إذَا أَثْبَتَا وَاسْتَحَقَّا مِنْ الْمَالِ شَيْئًا، يَكُونُ لَهُمَا بِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ أَنَّهُمَا لَا يَحْلِفَانِ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَيْسَ لَهُمَا وَأَنَّ الَّذِي يَحْلِفُ غَيْرَهُمَا وَهُوَ صَاحِبُ الْمَالِ، وَإِنَّمَا جَازَتْ شَهَادَةُ النِّسَاءِ في الْأَمْوَالِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَالَ بِشَهَادَتَيْنِ..في شَهَادَةِ الْوَصِيِّ بِدَيْنٍ لِلْمَيِّتِ أَوْ لِلْوَارِثِ: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ الْوَصِيُّ بِدَيْنٍ لِلْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا.قُلْت: لِمَ؟قَالَ: لِأَنَّهُ يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ كِبَارًا، أَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ؟قَالَ: إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ عُدُولًا، وَكَانَ لَا تَجُرُّ شَهَادَتُهُ شَيْئًا يَأْخُذُهُ، فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ الْوَصِيُّ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ لَهُمْ عَلَى أَحَدٍ مَنْ النَّاسِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ النَّاظِرُ لَهُمْ.قُلْت: فَإِنْ كَانُوا كِبَارًا قَالَ: إذَا كَانُوا كِبَارًا وَكَانُوا عُدُولًا يَلُونَ أَنْفُسَهُمْ، فَأَرَى شَهَادَتَهُ جَائِزَةً لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَقْبِضُ لَهُمْ الْوَصِيُّ شَيْئًا، إنَّمَا يَقْبِضُونَ هُمْ لِأَنْفُسِهِمْ إذَا كَانَتْ حَالَتُهُمْ مَرْضِيَّةً..في الْيَمِينِ مَعَ شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَتْ امْرَأَتَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَا الرَّجُلِ بِكَذَا وَكَذَا، أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ جَائِزَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُنَّ حَلَفَ مَعَهُنَّ وَاسْتَحَقَّ حَقَّهُ.قَالَ: وَامْرَأَتَانِ وَمِائَةُ امْرَأَةٍ في ذَلِكَ سَوَاءٌ، يَحْلِفُ مَعَهُنَّ وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ.قُلْت: وَيَحْلِفُ مَعَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا.قُلْت: فَإِنْ شَهِدَتْ امْرَأَتَانِ لِعَبْدٍ أَوْ لِامْرَأَةٍ أَوْ لِصَبِيٍّ، أَيَحْلِفُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ؟قَالَ: أَمَّا الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ فَنَعَمْ، يَحْلِفُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ.وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا يَحْلِفُ حَتَّى يَكْبُرَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.قُلْت: فَإِنْ كَانَ في الْوَرَثَةِ كَبِيرٌ وَاحِدٌ أَوْ كَبِيرَانِ، أَيَحْلِفَانِ؟قَالَ: مَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ مِقْدَارَ حَقِّهِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَصَاغِرُ شَيْئًا.وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ كُلُّ مَنْ حَلَفَ مِقْدَارَ حَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ.قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ.قلت: فَإِنْ نَكَلَ الْأَكَابِرُ عَنْ الْيَمِينِ، وَبَلَغَ الصِّغَارُ، كَانَ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا وَيَسْتَحِقُّوا حَقَّهُمْ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: أَرَأَيْتَ الذِّمِّيَّ إذَا شَهِدَ لَهُ امْرَأَتَانِ بِحَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ عَلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ، أَيَحْلِفُ الذِّمِّيُّ مَعَ شَهَادَةِ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ.قَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: شَهَادَةُ الْمَرْأَتَيْنِ جَائِزَةٌ في الدَّيْنِ يُسْتَحْلَفُ مَعَ شَهَادَتِهِمَا صَاحِبُ الْحَقِّ.قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ..شَهَادَةُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ عَلَى السَّرِقَةِ: قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى سَرِقَةٍ، أَتُضَمِّنُهُ الْمَالَ وَلَا تَقْطَعُهُ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ وَلَا يُقْطَعَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في الْعَبْدِ يَقْتُلُ الْعَبْدَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، أَوْ يَأْتِي سَيِّدُهُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ: أَنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدًا وَيَسْتَحِقُّ الْعَبْدَ وَلَا يَقْتُلُهُ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَأَرَى في الرَّجُلِ يَشْهَدُ وَحْدَهُ عَلَى الرَّجُلِ بِالسَّرِقَةِ، أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَيَحْلِفُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ الْمَتَاعُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ مَتَاعَهُ وَلَا يَقْطَعُ.وَكُلُّ جُرْحٍ لَا يَكُونُ فيهِ قِصَاصٌ فَإِنَّمَا هُوَ مَالٌ، فَلِذَلِكَ جَازَتْ فيهِ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ، مِثْلُ جُرْحِ الْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ وَمِثْلِهِمَا، مِمَّا لَا قَوَدَ فيهِ مِمَّا هُوَ مَخُوفٌ وَمُتْلَفٌ.قَالَ سَحْنُونٌ: وَكُلُّ جُرْحٍ فيهِ قِصَاصٌ، فَشَهَادَةُ الرَّجُلِ وَيَمِينُ الطَّالِبِ يُقْتَصُّ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ لَا تَكُونُ في الْجِرَاحِ وَفي النَّفْسِ الْقَسَامَةُ.فَلَمَّا كَانَتْ النَّفْسُ تُقْتَلُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ مَعَ الْقَسَامَةِ، فَلِذَلِكَ اقْتَصَّ الْمَجْرُوحُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ مَعَ يَمِينِهِ إذَا كَانَ عَدْلًا، وَلَيْسَ في السُّنَّةِ في الْجِرَاحِ قَسَامَةٌ.ابْنُ وَهْبٍ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَقَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ في الْجِرَاحِ في الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو الزِّنَادِ..الشَّاهِدَانِ يَخْتَلِفَانِ يَشْهَدُ أَحَدُهُمَا عَلَى مِائَةٍ وَالْآخَرُ عَلَى خَمْسِينَ: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَمْت شَاهِدًا عَلَى مِائَةٍ وَآخَرَ عَلَى خَمْسِينَ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَرَدْتَ أَنْ تَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِكَ الَّذِي يَشْهَدُ لَكَ بِمِائَةٍ وَتَسْتَحِقُّ الْمِائَةَ فَذَلِكَ لَكَ، وَإِنْ أَبَيْتَ أَنْ تَحْلِفَ وَأَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ الْخَمْسِينَ بِغَيْرِ يَمِينٍ، فَذَلِكَ لَكَ.سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ كُلُّهُمْ، في الرَّجُلَيْنِ يَخْتَلِفَانِ في الشَّهَادَةِ عَلَى الْحَقِّ، فَشَهِدَ هَذَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَشَهِدَ هَذَا بِخَمْسِينَ، أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا قَدْ اجْتَمَعَتْ عَلَى الَّذِي هُوَ أَدْنَى..في الرَّجُلَيْنِ يَشْهَدَانِ لِأَنْفُسِهِمَا وَلِرَجُلٍ مَعَهُمَا بِمَالٍ في وَصِيَّةٍ أَوْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا تَكَفَّلَ لِأَبِيهِمَا وَلِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا عِنْدِي؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ كُلَّهَا بَاطِلٌ.قَالَ سَحْنُونٌ: وَلِأَنَّ فيهَا جَرًّا إلَى أَبِيهِمَا.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ لَهُمَا وَلِفُلَانٍ مَعَهُمَا عَلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا لِفُلَانٍ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا.قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ في الرَّجُلِ إذَا شَهِدَ لِرَجُلٍ في ذِكْرِ حَقٍّ لَهُ فيهِ شَيْءٌ: لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ لَا لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْوَصِيَّةِ.لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى وَصِيَّةٍ قَدْ أُوصِيَ لَهُ فيهَا بِشَيْءٍ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِهِ شَيْئًا تَافِهًا لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ؛ جَازَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُجَازَ بَعْضُ الشَّهَادَةِ وَيُرَدَّ بَعْضُهَا بِالتُّهْمَةِ.وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عَلَى وَصِيَّةِ رَجُلٍ وَفيهَا عِتْقٌ وَوَصَايَا لِقَوْمٍ، لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ في الْعِتْقِ وَحْدَهُ لِلشُّبْهَةِ، وَجَازَتْ في الْوَصَايَا لِلْقَوْمِ مَعَ أَيْمَانِهِمْ.وَإِنَّمَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ إذَا شَهِدَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ في كِتَابِ ذِكْرِ حَقٍّ وَلَهُ فيهِ حَقٌّ، فَهَذَا الَّذِي تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.قُلْت: فَإِنْ أَحَلَفْتهمْ مَعَ الشَّاهِدِ في الْوَصِيَّةِ وَفيهَا الْعِتْقُ وَالثُّلُثُ لَا يُحْمَلُ ذَلِكَ؟قَالَ: فَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ مَا فَضَلَ عَنْ الْعِتْقِ.قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ في رَجُلٍ هَلَكَ، فَشَهِدَ رَجُلٌ أَنَّهُ أَوْصَى لِقَوْمٍ بِوَصَايَا، وَأَوْصَى لِلشَّاهِدِ مِنْهَا بِوَصِيَّةٍ، وَأَوْصَى إلَى الشَّاهِدِ وَهُوَ يَشْهَدُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ، فَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: إذَا كَانَ الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ لِنَفْسِهِ أَمْرًا تَافِهًا لَا يُتَّهَمُ عَلَى مِثْلِهِ، رَأَيْتُ شَهَادَتَهُ جَائِزَةً.قَالَ: وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ مَنْ أَثِقُ بِهِ، أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ هَذِهِ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يُتَّهَمُ؛ لِأَنَّهُ إذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ في بَعْضٍ حَتَّى يَكُونَ فيهَا مُتَّهَمًا رُدَّتْ كُلُّهَا.قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ رُوِيَ في هَذَا الْأَصْلِ اخْتِلَافٌ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَسَأَذْكُرُهُ.قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ في رَجُلٍ شَهِدَ في وَصِيَّةِ رَجُلٍ، وَقَدْ أَوْصَى لَهُ بِبَعْضِ الْوَصِيَّةِ.قَالَ: إنْ كَانَ وَحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ شَاهِدٌ في الْوَصِيَّةِ غَيْرُهُ، لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ.وَإِنْ كَانَ مَعَهُ شَاهِدٌ آخَرُ يَشْهَدُ لَهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ.وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ عَنْ نَفْسِهِ.قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَسَأَلْتُ عَنْهَا مَالِكًا فَقَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لَهُ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُوصِي لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ.ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رِجَالٍ كَانُوا مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى، كَانُوا في سَفَرٍ فَتُوُفي أَحَدُهُمْ.فَأَوْصَى الْقَوْمَ بِوَصَايَا مَنْ مَالِهِ لَيْسَ لَهُمْ شُهَدَاءُ عَلَى مَا أَوْصَى بِهِ لَهُمْ إلَّا بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ، فَقَالَ: إنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ لَهُمْ مَنْ لَيْسَ لَهُ في الْوَصِيَّةِ حَقٌّ، أَوْ يُشْهِدُوا غَيْرَهُمْ.ابْنُ وَهْبٍ.وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ كَانَ طَالِبُ الْحَقِّ غَيْرَهُ، وَلَا الْمُوصَى إلَيْهِ وَلِصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ في شَهَادَتِهِ جَرًّا إلَى نَفْسِهِ.وَلَوْ جَازَتْ شَهَادَتُهُ لَجَاءَ رَجُلَانِ قَدْ شَهِدَا عَلَى الْوَصِيَّةِ.فَشَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى لَهُمَا فيثْبُتُ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشَهَادَةِ صَاحِبِهِ مَعَ يَمِينِهِ، فَفي هَذَا بَيَانٌ مِنْ هَذَا وَغَيْرِهِ..الرَّجُلُ في يَدَيْهِ مَالٌ فيشْهَدُ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ تَصَدَّقَ بِهِ: قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي أَقْرَرْت أَنَّ فُلَانًا دَفَعَ إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّهَا لِفُلَانٍ لِرَجُلٍ آخَرَ؟قَالَ: يَحْلِفُ هَذَا الَّذِي زُعِمَتْ أَنَّهَا لَهُ وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَكَ هَذَا إنَّمَا هِيَ شَهَادَةٌ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ حَاضِرًا، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُكَ لَهُ؛ لِأَنَّكَ تُقِرُّ بِشَيْءٍ يَبْقَى في يَدَيْكَ فَتُتَّهَمُ.قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ في الرَّجُلِ يَشْهَدُ في الشَّيْءِ قَدْ جَعَلَ عَلَى يَدَيْهِ الْمَالَ أَوْ غَيْرَهُ: أَنَّ فُلَانًا الَّذِي وَضَعَهُ عَلَى يَدَيْهِ قَدْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فُلَانٍ، وَرَبُّ الْمَالِ يُنْكِرُ.قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ حَاضِرًا، فَأَرَى شَهَادَتَهُ جَائِزَةً.وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ أَرَ أَنْ تَجُوزَ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ هَهُنَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ يَبْقَى في يَدَيْهِ.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ غَائِبًا، وَإِنَّمَا هِيَ الْغَيْبَةُ الَّتِي يُنْتَفَعُ فيهَا بِالْمَالِ..في شَهَادَةِ السَّمَاعِ في الْقِتَالِ وَالْقَذْفِ وَالطَّلَاقِ: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ سَمِعَ رَجُلٌ رَجُلًا يَقُولُ: لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا، أَوْ يَقُولُ رَأَيْت فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا، أَوْ يَقُولُ: سَمِعْت فُلَانًا يَقْذِفُ فُلَانًا أَوْ يَقُولُ: سَمِعْت فُلَانًا طَلَّقَ فُلَانَةَ، وَلَمْ يَشْهَدْهُ إلَّا أَنَّهُ مَرَّ فَسَمِعَهُ وَهُوَ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، أَيَشْهَدُ بِهَا وَإِنَّمَا مَرَّ فَسَمِعَهُ يَتَكَلَّمُ بِهَا وَلَمْ يَشْهَدْهُ؟قَالَ: لَا يَشْهَدُ بِهَا، وَلَكِنْ إنْ مَرَّ رَجُلٌ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْذِفُ رَجُلًا، أَوْ سَمِعَ رَجُلًا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، وَلَمْ يُشْهِدَاهُ.قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدَاهُ قَالَ: وَيَأْتِي مَنْ لَهُ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُ فيعْلِمُهُ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ.قَالَ: وَسَمِعْتُ هَذَا مِنْ مَالِكٍ في الْحُدُودِ، أَنَّهُ يَشْهَدُ بِمَا سَمِعَ مِنْ ذَلِكَ.وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّل فَإِنَّمَا سَمِعْتُ مَالِكًا، وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِالرَّجُلَيْنِ وَهُمَا يَتَكَلَّمَانِ في الشَّيْءِ وَلَمْ يُشْهِدَاهُ، فيدْعُوهُ بَعْضُهُمَا إلَى الشَّهَادَةِ، أَتَرَى أَنْ يَشْهَدَ؟قَالَ: لَا.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ اسْتَوْعَبَ كَلَامَهُمَا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْتَوْعِبْهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ؛ لِأَنَّ الَّذِي سَمِعَ لَعَلَّهُ قَدْ كَانَ قَبْلَهُ كَلَامٌ يُبْطِلُهُ أَوْ بَعْدَهُ.ابْنُ وَهْبٍ وَقَدْ قَالَ إنَّ السَّمَاعَ شَهَادَةٌ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ.ابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ سُفيانُ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: إذَا قَالَ سَمِعْتُ فُلَانًا يَقُولُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا أَخَذْتُهُ لَهُ مِنْهُ، وَإِذَا قَالَ سَمِعْتُ فُلَانًا يَقُولُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا لَمْ أَقْبَلْهُ، وَبِهِ يَأْخُذُ سُفيانُ، وَكَانَ رَأْيُ سُفيانَ أَنَّ السَّمَاعَ شَهَادَةٌ.
|